المدير الجوزاء :
لو قـُدّر للعامل أو الموظف الذي يعمل في خدمة رجل برج الجوزاء أن يقرأ أفكار رئيسه ويتكهن بتصرفاته المتوقعة لأصبحت حياته نعيما حقيقيا، وبما أن الأمر مستحيل، فلا يسعنا سوى أن نقول : كان الله في عون أفراد المؤسسة التي يديرها رب عمل من هذا النوع الفريد، يكفي للدلالة على صعوبة التعامل مع هذا الرجل أنه شخصيا يجهل حقيقة شعوره ومزاجه وتوقعاته في اللحظة القادمة فكيف بالآخرين ؟ إنه مثال الرجل الذي يُغمض عينيه عن الخطأ الفادح يوما وفي اليوم التالي يُقيم المكتب ويُقعده بسبب هفوة بسيطة.
هذه الظاهرة لا تمنع أن يكون مولود برج الجوزاء في ميدان الرئاسة شخصية رائعة بكل معنى الكلمة وذلك نتيجة العديد من الصفات التي يتمتع بها ويفتقر إليها غيره من الناس، ومع ذلك فيه نواح تحول دون استمراره في هذا الدور، منها ميله إلى الحركة والتنقل وكرهه للأماكن المغلقة التي تفرض عليه جمودا يُشعره بالتعاسة الحقيقية، لهذا السبب نجده يُفضل على أدوار الرئاسة المركز الأقل كمركز ملحق أو مستشار أو نائب رئيس.
إن رب العمل المنتمي إلى برج الجوزاء عموما إنسان ماهر في تداول الآراء والأفكار والغيبيات، سريع البحث والتنفيذ، يُهمل التفاصيل الهامشية وغير الضرورية ويتـقيد بصلب الموضوع، يأبى التمسك بالتقاليد والعادات المألوفة ولا يتردد في فرض أسلوبه الخاص لا على سير العمل فحسب بل حتى على ترتيب أثاث المكتب، والطريف أنه على الرغم من طبيعته الانفرادية المميزة هذه يرفض انفرادية الآخرين ولا ينظر إليهم إلا من خلال المخطط العام الذي يستوحيه من نفسه وأفكاره، آراؤه قابلة للتغيير، ومواقفه يتخللها مد وجزر، لكن تفكيره يظل أبدا صافيا واضح المعالم الأمر الذي يتيح له اكتشاف مواطن الضعف والخطأ في أقصر وقت ممكن.
رجل برج الجوزاء أيضا عقلاني أكثر منه عاطفي على الأقل في المظهر، والواقع أن قلبه ينطوي على طاقات حب عظيمة تجذب نحوه الكثيرين فيقعون ضحية سحره الذي لا يُقاوم، على الرغم من إحاطة نفسه بالآخرين وسعيه الدائم للتلاحم معهم والاحتكاك بهم يعيش هذا الإنسان داخل صومعة بعيدة يخيم عليها التعالي والبرود.
يتمتع رجل برج الجوزاء أيضا بروح الفكاهة والسخرية وسرعة الخاطر، ويتحسس بالأشياء المفرحة أكثر منه بالأشياء القاتمة القابضة للنفس، إنه ماهر بالغزل، يوقع في حبائله معظم السكرتاريات والموظفات اللواتي يعملن معه دون أدنى جد أو استمرار على الأقل من طرفه.
إذا أردنا تلخيص هذه الشخصية قلنا إنه ذكي محاور لبق متيقظ الدماغ قليل الارتباك سريع التنفيذ كثير التنقل، قلبه إجمالا خال من الحسد أو الكراهية وذلك لقلة صبره وعدم اهتمامه الكلي بأي كان.
الموظف الجوزاء:
تعتبر السرعة العامل الأكثر تحكما في تصرفات الموظف من مواليد برج الجوزاء، إذا تحدث أو تحرك أوحى أنه صاروخ منطلق، يُضاف إلى هذا عامل آخر يميزه من الموظفين الآخرين وهو عامل الشباب الذي يصبغ روحه ومظهره وكل ما يصدر عنه من أعمال وأقوال، من صفاته الإيجابية السحر والجاذبية والثقافة والخيال ورباطة الجأش أمام الأزمات والمشاكل، ومن ظواهره السلبية الافتقار إلى الصبر وروح التعاون والتذمر من رتابة العمل.
إذا أريد استغلال هذا الموظف على أفضل وجه وجب توكيله بالأعمال التي تحمل طابع الحركة والتنقل والاحتكاك بأعداد بشرية كبيرة، بينما تـقييده بمكتب ودوام يقتل فيه الطموح والمسؤولية، ويحوله إلى إنسان عصبي المزاج وفي غاية التعاسة، وبكلام آخر لا تثير المراتب العالية موظف برج الجوزاء بقدر ما تثيره الأعمال التي تضمن له الحرية التامة ولو كان فيها بعض الغبن والإجحاف.
ثم أن هذا الموظف الفضولي في العمل يجيد مراقبة الناس ودرس مزاياهم واكتشاف دخائلهم، الأمر الذي يخوله القيام بدور البائع على أفضل وجه، وخصوصا لأنه يتمتع بقوة إقناع هائلة أكثر ما يُـثيره المنافسة والأعمال التي تحمل طابع المغامرة الفكرية لا المادية، عيبه عدم المثابرة أو التكرار حتى في حالات النجاح، وهو بطبعه عفيف شريف، وإذا شذ عن ذلك فبسبب طبيعته التي ترفض العرف والتقليد، قد يوصله هذا التمرد إلى ارتكاب سرقة أو تزوير وإن كان الاحتمال بعيدا، بالنسبة إلى أنثى برج الجوزاء يُقال أن سرعتها في الاختزال والضرب على الآلة الكاتبة مضرب الأمثال، تجيد الأعمال الإدارية بوجه عام وتنجح في تبوء مراكز الاستقبال والضيافة خاصة بفضل المرونة واللباقة اللتين عُرفتها عنها.
إنسان برج الجوزاء، ذكرا كان أو أنثى، ماهر في حقل الرياضة، يُفضل ممارسة الألعاب التي تجري في الهواء الطلق والأماكن الفسيحة، وتعتبر هذه الهواية بمثابة وسيلة تـنـفيس عن عصبيته وحيويته المعهودتين، من ناحية أخرى يفيده التعب الجسماني ويساعده على قهر الأرق الذي ينتابه بين الحين والآخر، كذلك يحتاج هذا الإنسان إلى نوم عميق طويل كي يتمكن من استقبال نهاره بالنشاط والاستعداد الضروريين.
من العبث محاورة مواليد برج الجوزاء في قضايا المال، إذا قرّ رأيهم على شيء، مهما بدا مستحيلا، توصلوا إليه بفضل ذكائهم وقوة إقناعهم، ليس بالمستغرب على أحدهم أن يطالب رئيسه بضعف مرتبه مثلا، وفي هذه الحالة لا يبقى أمام الرئيس المسكين سوى احتمالين : إما الرضوخ أو رؤية صاحب الطلب يُغادر المكتب إلى غير رجعة،
حيث يوجد إنسان برج الجوزاء يوجد المرح والضحك، والحديث الممتع، والقصص الغرامية، طبعا صفاته عديدة وقابلة للتغيير والتبديل، إذا أريد التعبير عنه بصدق قيل إنه الإنسان ذو المشاعر المراهقة والعقل المُحنـّك.